ما هو البرزخ

عندما تنتهي حياة الإنسان في الحياة الدّنيا بالموت ، حيث يقبض ملك الموت بأمر من الله عز وجل حياة ذلك الإنسان الذي قد انتهى أجله وعمره المقدّر له ، يبدأ مشوار آخر وحياة أخرى لها مقايّيس مختلفة عن الحياة الدّنيا ، وتسمّى هذه الحياة بحياة البرزخ .


إنّ حياة البرزخ هي تلك الفترة الإنتقاليّة ما بين الحياة الدّنيا والحياة الآخرة ، فبعد موت الإنسان ، يبدأ حياة أخرى يلتقي فيها بمعارفه من الموتى الذين سبقوه ، ويتزاورون فيما بينهم وينتظرون على هذه الحال حتى قيام السّاعة والبعث والنشور تمهيداً للحياة الأخرى والتي هي خير وأبقى .

إنّ أكثر من تطرّق لهذا الموضوع من الكتاب المسلمين هو ابن قيم الجوزية وذلك في كتابه " الرّوح " والذي يشرح فيه – مستنداً للأحاديث النبوية والنصوص الدينية – كثيراً من تفاصيل وأشكال هذه الحياة ، والتي يبدأ مشوارها فور قبض ملك الموت روح الإنسان ، ليبدأ بعدها مشوار المرء مع الملكين الذين يسألانه عن دينه وربه وكتابه ونبيه ، وبعدها يرياه مقعده من الجنة أو من العقاب ، ونجد حسب كتاب الرّوح لابن قيم جوزيّة بأن من مصائرهم إلى الجنة يتقابلون ويتزاورون فرحين مطمئنين مشتاقين للقاء الله وللجنة ، أمّا الذين خسرت أعمالهم فيكونون في حياة البرزخ منفصلين عن أصحاب النعيم ، فلا يلتقيان إلا حتى قيام السّاعة والبعث ويوم الحساب .

وفي حياة البرزخ تكون الحياة روحيّة ، لا جسديّة ، فلا يوجد فيها أكل أو شرب أو قضاء حاجة أو تزاوج ، وإنّما حياة روحية صرفة ، وقد أشار ابن قيم الجوزية كذلك في كتابه بأنّ سكان البرزخ لا يعرفون عن حياة الأحياء شيئاً إلا ما تنقله لهم أرواح المتوفّين حديثاً ، حيث يسألونهم كل بدوره عن معارفه الأحياء وعن تفاصيل شؤونهم الحياتيّة ، وكما وجدنا بأنّ الصالحين يتوقون ليوم الحساب فإنّنا نجد أصحاب العقاب والعذاب يتمنون لو طالت حياة البرزخ ولا يبعثون ، خوفاً من مصيرهم الأسود الذي ينتظرهم جزاء أعمالهم ، اللّهم اجعلنا من أصحاب اليمين والنعيم ، آمين .