الخسف والقذف والمسخ



عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، قالت: قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا ظهر الخبث))  (1) .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف))  (2) .

وقد جاء الخبر أن الزنادقة والقدرية يقع عليهم المسخ والقذف، روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه سيكون في أمتي مسخ وقذف، وهو في الزندقية والقدرية))  (3) .

وفي رواية للترمذي: ((في هذه الأمة أو في أمتي خسف أو مسخ أو قذف في أهل القدر))  (4) .

وعن عبد الرحمن بن صحار العبدي عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل, فيقال: من بقي من بني فلان؟ قال: فعرفت حين قال: قبائل أنها العرب, لأن العجم تنسب إلى قراها))  (5) .

وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال: سمعت بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدرد تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول: ((إذا سمعتم بجيش قد خسف به قريباً فقد أظلت الساعة))  (6) .

والخسف قد وجد في مواضع في الشرق والغرب  (7) قبل عصرنا هذا، ووقع في هذا الزمن كثير من الخسوفات في أماكن متفرقة من الأرض, وهي نذير بين يدي عذاب شديد, وتخويف من الله لعباده، وعقوبة لأهل البدع والمعاصي, كي يعتبر الناس ويرجعوا إلى ربهم ويعلموا أن الساعة قد أزفت، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه.

وقد جاء الوعيد للعصاة من أهل المعازف وشاربي الخمور بالخسف والمسخ والقذف، روى الترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف. فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القيان والمعازف, وشربت الخمور))  (8) .

وروى ابن ماجة عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها, يعزف على رؤوسهم بالمعازف, يخسف الله بهم الأرض, ويجعل منهم القردة والخنازير))  (9) .
والمسخ يكون حقيقياً، ويكون معنوياً، فقد فسر الحافظ ابن كثير رحمه الله (المسخ) في قوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ [ البقرة: 65]. 
بأنه مسخ حقيقي وليس مسخاً معنوياً فقط، وهذا القول هو الراجح, وهو ما ذهب إليه ابن عباس وغيره من أئمة التفسير  (10) .

وذهب مجاهد وأبو العالية وقتادة إلى أن المسخ كان معنوياً وأنه كان لقلوبهم ولم يمسخوا قردة  (11) ونقل ابن حجر عن ابن العربي القولين ورجح الأول  (12) ورجح رشيد رضا في تفسيره القول الثاني، وهو أنه كان مسخاً في أخلاقهم  (13) .

واستبعد ابن كثير ما روي عن مجاهد وقال: (أنه قول غريب خلاف الظاهر من السياق في هذا المقام وغيره)  (14) .

ثم قال بعد سياقه لطائفة من كلام العلماء: والغرض من هذا السياق عن هؤلاء الأئمة بيان خلاف ما ذهب إليه مجاهد - رحمه الله – من أن مسخهم إنما كان معنوياً لا صورياً بل الصحيح أنه معنوي صوري والله أعلم  (15) .

وإذا كان المسخ يحتمل أن يكون معنوياً فإن كثيراً من المستحلين للمعاصي قد مسخت قلوبهم فأصبحوا لا يفرقون بين الحلال والحرام, ولا بين المعروف والمنكر, مثلهم في ذلك كمثل القردة والخنازير – نسأل الله العافية والسلامة – وسيقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من المسخ سواء كان معنوياً أو صورياً. (1


المصدر الكامل من هنا
http://www.dorar.net/enc/aqadia/2245
لا تنس الصلاة والسلام على خير الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

0تعليقات