حكم جوائز المسابقات الثقافية المنشورة في الصحف

اشتريت جريدة دينية في الأيام الماضية ، فوجدت أنها قامت بمسابقة ، ووجدت نفسي قادرا على الإجابة على الأسئلة الموجهة ، فشاركت بإرسال الأجوبة . 
فهل يجوز لي أخذ الجائزة إن أنا فزت ؟.
الحمد لله
أولا :
اتفقت كلمة المسلمين على أن الميسر والقمار محرم شرعا ، وأنه مِن أكل أموال الناس بالباطل .

قال الله سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) المائدة/90-91 .
وقد عده أهل العلم من الكبائر .
انظر : "إعلام الموقعين" (4/309) ، "الزواجر" (2/328)
جاء في سبب نزول الآية السابقة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان الرجل في الجاهلية يخاطر الرجلَ على أهله وماله ، فأيهما قمر صاحبه ذهب بماله وأهله ، فنزلت الآية ) رواه الطبري في "جامع البيان" (2/369) .

ومن هنا وضع العلماء القاعدة المشهورة التي تضبط معنى الميسر والقمار فقالوا : هو الذي لا يخلو الداخلُ فيه من أن يكون غانماً إن ربح ، أو غارماً إن خسر ، بمعنى : أنه يدفع مبلغاً من المال ، يخاطر به ، إما أن يخسره ، وإما أن يربح المبلغ المعلن عنه في المسابقة ، مثل مسابقات اليانصيب .

وعلى هذا ، لا يتحقق الميسر إلا إذا كان الداخل فيه يدفع مبلغاً من المال يكون عرضة لخسارته ، وهذا المبلغ قد يسمى بعدة مسميات ، وكلها لا تغير من حكم الميسر شيئاً .
يسمونه : رسم اشتراك أو ثمن لشراء كوبون المسابقة .... أو غير ذلك فهذا كله ميسر .
أما إذا كان المتسابق لا يدفع شيئاً من المال مقابل الدخول في المسابقة ، فإن هذا لا يعد من الميسر ، ولا حرج من الاشتراك فيه .
ثانياً :
يبقى النظر في المسابقات الثقافية المنشورة في الصحف والمجلات ، هل يجوز المشاركة فيها وأخذ الجائزة أم لا ؟
ذهب بعض العلماء إلى تحريم المشاركة في هذه المسابقات .
فقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله السؤال التالي ( فتاوى في البيوع/سؤال رقم 43) :
ما حكم الاشتراك في المسابقات التي تقيمها الجرائد والمجلات ؟
فأجاب :
" لا شك أن هذه الجوائز التي تمنحها الصحف والمجلات ما قصدوا منها إلا مصلحتهم ، حيث يكثر شراء تلك الصحف ، وتنتشر وتروج بين الأفراد فيربحوا ربحاً كثيراً ، أضعاف ما يبذلونه من الجوائز ، رغم أن تلك الصحف ليس لها ميزة عن غيرها ، بل ربما يكون فيها فساد وشر ، وصور فاتنة ، ومقالات منكرة ، فيقصدون ترويجها بين الناس بهذه الجوائز ، فعلى هذا لا يجوز الاشتراك فيها ، لما فيه من تشجيعهم ، وتقوية صحفهم ، والله أعلم " انتهى
وسبق في جواب السؤال رقم (20993) نقل فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله بتحريم هذه المسابقات .
واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله جواز هذه المسابقات بشرطين :
الأول : أن يشتري المتسابق السلعة أو الصحيفة لحاجته إليها ، أما إذا كان لا غرض له من شرائها إلا المسابقة ، فلا يجوز ، لأنها تكون حينئذ نوعاً من الميسر ، حيث يخاطر المتسابق بهذا المبلغ الذي دفعه (ثمن الصحيفة) في مقابل احتمال فوزه بالمسابقة .
وعلى هذا ، فإذا كان يشتري الصحيفة لا لقراءتها بل لقطع كوبون المسابقة فقط ، أو كان يشتري أكثر من عدد من الصحيفة ، فمشاركته في المسابقة حرام ونوع من الميسر .
الثاني : ألا يتم رفع ثمن السلعة أو الصحيفة من أجل المسابقة ، فإذا كانت الصحيفة بـ 3 ريالات ثم صارت بـ 4 ريالات من أجل المسابقة ، فالاشتراك فيها حرام ، لأن هذه الزيادة بُذلت مقابل المسابقة ، فهي أيضاً نوع من الميسر .
انظر : "أسئلة الباب المفتوح" للشيخ ابن عثيمين (1162) .
وعلى هذا فاشتراكك في هذه المسابقة جائز ، لأنك لم تشتر الصحيفة من أجل المسابقة ، بشرط ألا يكون ثمن الصحيفة قد زاد من أجل المسابقة .
والله أعلم .

لا تنس الصلاة والسلام على خير الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

0تعليقات