كتاب " الفقه على المذاهب الأربعة " للشيخ عبد الرحمن الجزيري ، وهل هو كتاب جيد أم لا ؟


السؤال:
أريد من فضيلتكم نبذة عن كتاب " الفقه على المذاهب الأربعة " للشيخ عبد الرحمن الجزيري ، وهل هو كتاب جيد أم لا ؟ . وجزاكم الله خيراً .

الجواب :
الحمد لله
أولاً: 
المؤلفُ هو عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري ، ولد بجزيرة " شندويل " بمركز " سوهاج " بمصر عام 1299 هـ - 1882 م ، وتعلم في الأزهر وتفقه فيه على مذهب أبي حنيفة من عام 1313 هـ إلى عام 1326 هـ ، ثم درّس فيه وعُيّن مفتشاً لقسم المساجد بوزارة الأوقاف سنة 1330 هـ ، فكبيراً للمفتشين ، فأستاذاً في " كلية أصول الدين " ثم كان من أعضاء هيئة كبار العلماء ، وتوفي بحلوان سنة 1359 هـ - 1941 م .
والكتاب في الأصل من تأليف مجموعة من العلماء برعاية وزارة الأوقاف المصرية ، ثم كان للشيخ الجزيري العمل الأكبر في تحرير عباراته وتهذيبها وإصلاح ما انتقد على الكتاب عندما طبع أول مرة ، وكان له مشاركة كاملة في بعض أبوابه الفقهية ، ثم أخرج – رحمه الله – كتاباً بالاسم نفسه مستفيداً من تلك الجهود السابقة مع ما كتبه هو بنفسه وحرَّر مواضيعه ومسائله .
ثانيًا: 
كتاب الشيخ الجزيري رحمه الله " الفقه على المذاهب الأربعة " معتنٍ بذكرِ المسائل ثم إيرادِ أصحابِ المذاهبِ وأقوالهم ، غير أنه خالٍ من ذكرِ أدلة كل مذهب .
وقد أبان المؤلِّف سببَ وضعه للكتاب إذ قال : " أصل وضع الكتاب كان الغرض منه تسهيل مواضيع الفقه الإسلامي على أئمة المساجد العلماء " انتهى .
وقد أوضح المؤلف أنه قد بذل في كتابه جهداً كبيراً مع الاعتناء بترتيبه ، إذ قال - كما في مقدمة الكتاب - : " وبالجملة فقد بذلت في هذا الكتاب مجهوداً كبيراً ، وحررته تحريراً تامّاً ، وفصَّلت مسائله بعناوين خاصة ، ورتبتها ترتيباً دقيقاً ، وما على القارئ إلا أن يرجع إليه ويأخذ ما يريده منه بسهولة تامة وهو آمن من الزلل ، إن شاء الله تعالى " انتهى .
ثالثاً:
مع ما حرصَ عليه المؤلف – رحمه الله - فقد اعترى مؤلَّفه هذا بعض المؤاخذات ، أهمها :
1. عدمُ تحريرِ المعتمدِ من الأقوال عند المذاهب ، بل اعتماده كان على المرجوح عند المذهب في بعض المسائل ، وقد تتبع كثيرٌ من الباحثين ذلك فوُجد أنه قد أخطأ في نسبة الأقوال إلى أصحابها من أهل المذاهب ، وليسَ ذلك في كلِّ ما كتب بل في كثيرٍ منها . 
2. عدم توثيق النصوص ، فالمؤلَّف لا يعزو أي مقالةً لأصحابها ، ولا لأي مرجعٍ فقهي ، وكل هذا قادح في مادةِ الكتاب ، حتى وإن كان أوضح أن مرجع مادته الكتب الفقهية الأصلية .
وقد سئل الشيخ يوسف الشبيلي عن ذلك فقال : " أما كتاب " الفقه على المذاهب الأربعة " فلا أنصح بالاعتماد عليه ؛ فيه الكثير من الخلط " ! .
وقال الشيخ محمد بلتاجي في مقالةٍ له – نشرها في مجلة " الدارة " عام 1977م – : " لكننا نأخذ عليه إخلاء كتابه بصورة مطلقة من المراجع القريبة المنال وجوداً وفهماً لمن يقصدها من جمهرة المثقفين المسلمين غير المتخصصين في علوم الشريعة .
كما نأخذ عليه إخلاءه من بعض أدلة المذاهب التي لا يستعصي إدراكها على هذه الجمهرة المثقفة " .
3. نقصُ الكتاب وعدم تمامه ، كما يتضح من اطلع على الكتاب ونظر في مباحثه .
وقد نقلَ عن الشيخ عبد الكريم الخضير أنه قال عنه : " الكتاب غير كامل ، قد ينقل بعض المذاهب من كُتب غير مشهُورة في هذهِ المذاهب ، ويعتمد روايات غير معمُول بها في هذه المذاهب " انتهى .
والكتاب لا يصلح مرجعاً لمن أرادَ أن يعرفَ المعتمد والراجح في أقوال المذاهب الأربعة ، وكثرة أخطاء الكتاب جعلته مهجوراً عند العلماء والباحثين .
رابعاً: 
ينبغي لمن أرادَ أن يعرفَ آراءَ المذاهب المحررة أن يأخذ الفقه من كتبِهم المعتمدة ، ومن لم يتيسر له ذلك فليأخذها من الكتب المعتنية بذكر الخلاف ممن عرف عنه العلم والتحقيق ، كالإمام النووي في كتابه " المجموع " – ولم يتمَّه - ، وابن قدامة في كتابه " المغني " ، ومن الكتب المعاصرة في ذلك كتاب " الموسوعة الفقهية الكويتية " وهي موسوعةٌ مشهورةٌ ، مرتبة مسائلها على الحروف الهجائية ، وقد اشتغل فيها عشرات العلماء والباحثين ، وأحسنُ ما فيها : شمولها ، وتحرير المذاهب الأربعة من الكتب المعتمدة عندهم .
وانظر – لما سبق - :
http://www.feqhweb.com/vb/t1890.html
و
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=33210

لا تنس الصلاة والسلام على خير الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

0تعليقات