الحزن
في الحادي عشر من محرم سنة ألف وأربعمائة ووحد وثلاثون .
ابنة الرميصاء
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أقرأ في خواطري الخاصة وخواطر بعض أخواتي فوجدت ثوبا من الحزن يكسو أغلبها ، مرّ بذهني تساؤل ثم ما لبث أن ذهب ، بعدها بِهُنيهة تصفحت كتاب شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله فوجدت شيئا يناسب ما كان راودني ، حاولت أن أكتب شيئا متناسقا متكاملا فوجدت الأمر قد يطول فأوردت ما كان بخاطري ونسخت ما قال شيخ الإسلام ، راجية أن يكون في ذلك نفع لي ولكنّ .
قبل أن أبدأ ، همسة بإذنك أختي : الوهم له دور كبير في حالة الحزن المفرطة التي تحدث للبعض ، وهو من مداخل إبليس عليك حيث ينفخ ويعظم لك الأمور حتى يعظم حزنك على لا شيء ، أو شيء ليس ذي بال ، فإيّاك أن يحتنكك كم تعهد واحذريه فإنه واقف على قلبك يبحث عن مدخل يلج منه ليُعَشِّشَ فيه .. فكوني منه على حذر وراقبيه فإنه دائم الترصد لك .
مدخل~
لا تجعل الحزن يسيطر عليك
أترك مساحة للفرح دومـا
إن كان تبسطك لأخيك وتبسمك في وجهه (صدقة) ، فماذا عن النقيض ?!
عفواً قارئي .. إن كنت حزينا فما ذنب أخيك الذي تقبض وجهك أمامه ، أتدري أنه :
إما أن يظن أنك غاضب منه فيظل يفكر ويبحث عن خطئه ! أو تنتقل العدوى إليه ويصبح كئيبا لـ كآبتك ، أو على أقل الأحوال .. تدخل الحزن إلى قلبه !
كُن قوياً وتعلم أن تبتسم في أحلك الظروف ، واعلم أنما القوي من يملك زمام نفسه ، فاستعن بالله ..
إن لك رب ما هو سبحانه بغافل عن حالك ، وليس إلا بِأمره وإذنه ، وأن ما أصابك إما تكفيرا أو رفعة للدرجات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله ، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه ) رواه أحمد وصححه الألباني .
أورد شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه التحفة العراقية في الأعمال القلبية :
( أما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين كقوله تعالى :"وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" وقوله تعالى : ( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ) وقوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وأمثال ذلك كثير .
وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه ومالا فائدة فيه لا يأمر الله به ، نعم لا يأثم صاحبه
إذا لم يقترن بحزنه محرم كما يحزن على المصائب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يؤاخذ على دمع العين ولا على حزن القلب ولكن يؤاخذ على هذا أو يرحم ) وأشار بيده إلى لسانه ، وقال صلى الله عليه وسلم تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب .
ومنه قوله تعالى : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ) ..
وقد تبين بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محموداً من تلك الجهة لا من جهة الحزن كالحزين على مصيبة في دينه وعلى مصائب المسلمين عموما ، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير
وبغض الشر وتوابع ذلك ، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة
ودفع مضرة نهى عنه وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثم عنه من جهة الحزن ، وأما أن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به كان مذموماً عليه من تلك الجهة وان كان محمودا من جهة أخرى ) ا.هـ
وتفكِّر أيا حبيب .. قول نبيك صلى الله عليه وسلم : (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) البخاري ومسلم
فحتى الكرب وألم القلب تؤجر عليه إن أحسنت التصرف ، فانظر ما أكرمه سبحانه ، ويا لسوء أدب العبيد معه .
وانظر أَيَُها تُفَضِّل .. أن تبتلى بحزن وهم فيعفى عنك و تكفر خطيئتك فلا تسؤك حين لقاء ربك* ، أو أن تعيش معافاً بلا بلاء ثم تأت إليه بأرتال من الخطايا ؟!
فياذا العقل الحصيف .. أفرح بالحزن ! فهو لك خير .. ولا تفتر أن تسأل ربك العفو والعافية والمعافاة
في الدنيا والآخرة .. وفي لحظة المُصاب تذكر أنه يُربّيك بالمصائب كما يربّيك بالنعم فُكن عبداً فطنا .والحمد لله ربّ العالمين .
همسات :
ما أقواها وأجملها من بسمة ..
تلك التي يرتسمها العليل في قمة ألمه !
***
أفرح ولو باليسير ..
فالفرح مفتاح الأمل ..
ولا تبخل على من حولك ببسمة صادقة .
***
يجب أن تبتسم .. مهما اشتدت وطأة الألم ..
ألا تكفيك فرحة أن الله ربك .. وأنك تعبد الله
وغيرك يعبد فأراً أو حجراً !!
هامش :
• هذا لا يعني أن تتمنى البلاء فنحن مأمورون بسؤال الله العافية ، ولكن إن وقع أحْسِن .
صيد الفوائد ♥
لا تنس الصلاة والسلام على خير الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
في الحادي عشر من محرم سنة ألف وأربعمائة ووحد وثلاثون .
ابنة الرميصاء
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أقرأ في خواطري الخاصة وخواطر بعض أخواتي فوجدت ثوبا من الحزن يكسو أغلبها ، مرّ بذهني تساؤل ثم ما لبث أن ذهب ، بعدها بِهُنيهة تصفحت كتاب شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله فوجدت شيئا يناسب ما كان راودني ، حاولت أن أكتب شيئا متناسقا متكاملا فوجدت الأمر قد يطول فأوردت ما كان بخاطري ونسخت ما قال شيخ الإسلام ، راجية أن يكون في ذلك نفع لي ولكنّ .
قبل أن أبدأ ، همسة بإذنك أختي : الوهم له دور كبير في حالة الحزن المفرطة التي تحدث للبعض ، وهو من مداخل إبليس عليك حيث ينفخ ويعظم لك الأمور حتى يعظم حزنك على لا شيء ، أو شيء ليس ذي بال ، فإيّاك أن يحتنكك كم تعهد واحذريه فإنه واقف على قلبك يبحث عن مدخل يلج منه ليُعَشِّشَ فيه .. فكوني منه على حذر وراقبيه فإنه دائم الترصد لك .
مدخل~
لا تجعل الحزن يسيطر عليك
أترك مساحة للفرح دومـا
إن كان تبسطك لأخيك وتبسمك في وجهه (صدقة) ، فماذا عن النقيض ?!
عفواً قارئي .. إن كنت حزينا فما ذنب أخيك الذي تقبض وجهك أمامه ، أتدري أنه :
إما أن يظن أنك غاضب منه فيظل يفكر ويبحث عن خطئه ! أو تنتقل العدوى إليه ويصبح كئيبا لـ كآبتك ، أو على أقل الأحوال .. تدخل الحزن إلى قلبه !
كُن قوياً وتعلم أن تبتسم في أحلك الظروف ، واعلم أنما القوي من يملك زمام نفسه ، فاستعن بالله ..
إن لك رب ما هو سبحانه بغافل عن حالك ، وليس إلا بِأمره وإذنه ، وأن ما أصابك إما تكفيرا أو رفعة للدرجات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله ، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه ) رواه أحمد وصححه الألباني .
أورد شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه التحفة العراقية في الأعمال القلبية :
( أما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين كقوله تعالى :"وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" وقوله تعالى : ( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ) وقوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) وأمثال ذلك كثير .
وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه ومالا فائدة فيه لا يأمر الله به ، نعم لا يأثم صاحبه
إذا لم يقترن بحزنه محرم كما يحزن على المصائب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يؤاخذ على دمع العين ولا على حزن القلب ولكن يؤاخذ على هذا أو يرحم ) وأشار بيده إلى لسانه ، وقال صلى الله عليه وسلم تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب .
ومنه قوله تعالى : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ) ..
وقد تبين بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محموداً من تلك الجهة لا من جهة الحزن كالحزين على مصيبة في دينه وعلى مصائب المسلمين عموما ، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير
وبغض الشر وتوابع ذلك ، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة
ودفع مضرة نهى عنه وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثم عنه من جهة الحزن ، وأما أن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به كان مذموماً عليه من تلك الجهة وان كان محمودا من جهة أخرى ) ا.هـ
وتفكِّر أيا حبيب .. قول نبيك صلى الله عليه وسلم : (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) البخاري ومسلم
فحتى الكرب وألم القلب تؤجر عليه إن أحسنت التصرف ، فانظر ما أكرمه سبحانه ، ويا لسوء أدب العبيد معه .
وانظر أَيَُها تُفَضِّل .. أن تبتلى بحزن وهم فيعفى عنك و تكفر خطيئتك فلا تسؤك حين لقاء ربك* ، أو أن تعيش معافاً بلا بلاء ثم تأت إليه بأرتال من الخطايا ؟!
فياذا العقل الحصيف .. أفرح بالحزن ! فهو لك خير .. ولا تفتر أن تسأل ربك العفو والعافية والمعافاة
في الدنيا والآخرة .. وفي لحظة المُصاب تذكر أنه يُربّيك بالمصائب كما يربّيك بالنعم فُكن عبداً فطنا .والحمد لله ربّ العالمين .
همسات :
ما أقواها وأجملها من بسمة ..
تلك التي يرتسمها العليل في قمة ألمه !
***
أفرح ولو باليسير ..
فالفرح مفتاح الأمل ..
ولا تبخل على من حولك ببسمة صادقة .
***
يجب أن تبتسم .. مهما اشتدت وطأة الألم ..
ألا تكفيك فرحة أن الله ربك .. وأنك تعبد الله
وغيرك يعبد فأراً أو حجراً !!
هامش :
• هذا لا يعني أن تتمنى البلاء فنحن مأمورون بسؤال الله العافية ، ولكن إن وقع أحْسِن .
صيد الفوائد ♥
0تعليقات